• الرئيسية • اخبار • مواضيع علمية • مواضيع ادبية • البوم الصور • روابط مختارة • سجل الزوار • المنتدى •

( الفعل المشبوه )..

بقلم/ عبدالله جلغاف عبدالله

28 -09 -2010

المصدر صحيفة الوطن 26-09-2010

المنطق دائما يحاكي الحقيقة ويفلسف معطياتها بشكل تراتبي لتصبح بعدها واضحة ملموسة لا لبس فيها... من هنا نقول عن أي حديث أو معلومة يتقبلها العقل بأنها منطقية, بمعنى أنها أقرب إلى الحقيقة. ويقال عن الشخص المعروف بصدقه أنه شخص منطقي أو مقنع, إشارة إلى ارتباط الحقيقة بالذهن البشري, وعندما نقابل شخصاً مشتت الفكر أو غير متزن نقول له عليك أن ترتب أفكارك أو معلوماتك ترتيباً منطقياً لكي نستطيع التعامل معها... وهكذا فإننا عندما نعجز عن منطقة الأشياء(إذا جاز لنا هذا التعبير)نكون في حل عن أي توازن ذهني أو سلوكي عند تعاملنا مع المعلومات أو الأدوات على أرض الواقع, بيد أن السؤال المطروح هنا هل علينا القول بأن كل الحقائق منطقية؟ أو بمعنى آخر هل يمكننا القول بأن هناك معلومات غير حقيقية أو مظللة لكنها منطقية؟ والاجابه علي ذلك ....نعم للأسف –لان المنطق يتعامل مع التسلسل المقنع للمعلومة ولهذا نقول لشخص ما بأنه (كذاب امباقري) بمعني انه يمتلك القدرة علي منطقه الحديث المغلوط فيتحول لدي المتلقي إلي أشبة بالحقيقة .... وعادة ما يكون لهذا الشخص خيالاً واسعاً وقدرة عالية علي الحوار وخلق الضرائع والبدائل المزيفة ’وهي ملكة إبداعية خارقة رغم كونها صفة مذمومة ويمقتها الناس بشدة .

وتكمن خطورة هذا السلوك في قدرة مثل هؤلاء علي توظيف المعلومة المنطقية من اجل إقناع الآخرين بحقائق مزيفة لا أساس لها من الصحة .

من هنا كان لهؤلاء أدواتهم الخاصة في إقناع الآخرين بأفكارهم وسلوكهم غير السوي ..وأصبح لهم مريدون وأتباع وقد يتحولون إلي جماعات ضغط في المجتمع تؤثر في قراراته الاجتماعية والسياسية .

بل قد يمتلكون مؤسسات إعلانية وقنوات متخصصة في توظيف المعلومة المغلوطة، ومحاولة إقناع الآخرين بها..

ولا تقتصر خطورة هذه الظاهرة علي المجتمع بأفراده لكونها تؤدي إلي نشر الأكاذيب والإشاعات المغرضة ، بل تعمل في مرحله لاحقه علي تزييف الحقائق الثابتة والمنطقية للمجتمع فتوصلها إلي مرحله الشك والريبة لتتحول فيها بعد إلي ما يسمى "بالمنطق المعكوس" وحينها تنقلب القيم الاجتماعية رأساً علي عقب إنذاراً بتحللها وفنائها تدريجياً .

ومن المؤشرات الدالة علي ذالك في أي مجتمع مثلاً تحلل الأفراد من أسرهم باعتبارها قيد لا يطاق والتمرد علي أرباب الأسر وانحصار دور الخيرين والسخرية منهم وانتشار الألقاب غير المحببة والألفاظ البذيئة والسلوك المنحرف بين الأفراد.

وهكذا تطالعنا بعض المفاهيم مثل "الحبس للرجالة" و" مش سارق مال بوك" والحمد لله اللي ما هو بنت" و" كيسان ويفرغن"و اللي تغلبه العبه".. كلها في واقع الحال دعوات غير مباشرة لتبرير فعل خاطئ ، حتى أصبح هذا السلوك عندنا اليوم من المسوغات المقبولة ، ومن الأمور المماثلة الأخرى يوصف أي شخص جمع ثروة طائلة من خلال عمله في الدولة أو من نشاطه الخاص بأنه" استفاد "أو عرف كيف يستفيد " بغض النظر عن الكيفية التي عادة ما تغيب مقارنة بالنتيجة حتى صار هذا السلوك قرينة ، بمعنى أصبح سلوكاً يحتذي به لدي الغير ، وله معجبون ومدافعون أيضاً ... وهكذا نجد أن الخلل في هذه الحالة ليس قي المنطق الذي يكيف المعلومة بناءً علي معطياتها ويرتبها ترتيباً عقلياً كما سبق القول ، و لكن المشكلة تكمن فينا نحن البشر لأننا نسعى إلي الالتفاف حول أدوات المنطق فنزيفها لتتحول عندها المعلومة إلي فعل منطقي مشبوه .


سجل دخولك و علق على الموضوع

 

مواضيع الكاتب

مواضيع الكاتب على صحيفة الوطن الليبية

روابط على موقعنا

 

 

واحة جالو على الفيس بوك

 

جالو ليبيا
اخر تحديث: 09/12/2010م.