• الرئيسية • اخبار • مواضيع علمية • مواضيع ادبية • البوم الصور • روابط مختارة • سجل الزوار • المنتدى •

مشاعر مشاغبة ..!!

بقلم/ عبدالله جلغاف عبدالله

15 -09 -2010

 

مع أنها أنثي تتمني إن تلد عنزتها جد يا, وأن تمتلك من الديوك أكثر مما تمتلك من الدجاجات رغم أنها في أمس الحاجة إلي البيض, وتدعو الله صباح مساء إن يتزوج ابنها ما يستطيع من النساء وينجب الكثير من الأبناء وان لا يتزوج زوج ابنتها عليها وأن لا يفارقها إلا ميتا وان تري أخيها (شيخ عرب) و(إمام مسجد) و(خطيب مفوه) و(وبطل حرب) ولا تري ضرورة فى أن يكون زوجها كذلك. . هكذا كان حال جداتنا, ولا زالت هذه العقلية سائدة عند بعض أمهاتنا في مجتمعاتنا القروية والبد وية رغم التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات التي اقتحمت كل البيوت والعقول . انه تحد صارخ للواقع العقلاني فى مجتمعنا.. مشاعر أقل ما يمكن ان نطلق عليها أنها مشاغبه أو متمرده... حتى عندما نحب نندفع بقوه ونعطل كل حواسنا في سبيل من نهوى أو نقدر أو نحترم , لا نترك مجالا ولو بسيطا لخط الرجعه وعندما نصطدم برد فعل لا يعجبنا من الطرف الأخر فإننا نكرهه بقسوة لا حدود لها , كأننا أهل الصحراء ارتبطنا ارتباطا عضويا بقسوتها وجبروتها , لا توجد حدودا لعواطفنا المتداخلة والمتضاربة ولا معنى ثابتا نقيس به وعلى أساسه الممكن والمعقول في علاقاتنا العادية , بل قد تتحول مشاعرنا في أوقات كثيرة إلى عكسها تماما وبشكل يدعو إلى الغرابة , لا توجد حدود وسطى لدينا , وقد نذوب داخل مشاكلنا المركبة لأننا لا نستطع مواجهة الآخرين بها , حتى أمراضنا الجسدية نخجل أن نبوح بها لأحد كي لا يشمت بنا الآخرون والنتيجة تزايد حده المرض إلى الدرجة التي يصعب علاجها , وعندها فقط نفكر أن نسافر للعلاج في تونس أوفى غيرها , عقليه غريبة غاية في التعقيد . لا نفكر مطلقا في الترويح عن أنفسنا برحله سياحية مع الاسره في نطاق المنطقة أو خارجها , أبدا, كلما نتطلع إليه أن تزداد حرارة الشمس المحرقة في كل صيف حتى ينضج تمر الصعيدي بسرعة وننضج نحن معه , أو نتحاور في أحوال الطقس المتقلب وما يتركه من أثار على البيئة , خاصة عندما تحل (أيام العبد) أو(بحري النقفوش)أو(أيام العجاج)التي تقضى على الأخضر واليابس , نتحرك مع فجر كل يوم نحو أعمالنا التي لا تنتهي إلا بانتهاء يوم جديد يضم إلى ما سبقه من الأيام التي تسرق من أعمارنا والتي لا طعم ولا رائحة لها . كأن الإنسان عندنا في الصحراء خلق من أجل خدمة النخيل والزرع وتربية الماشية وتنشئة الأطفال والحديث عن أحوال الطقس لا أكثر من ذلك ولا اقل , لا أنشطة رياضية ولا ندوات ثقافية ولا حدائق ولا العاب ترفيهية للأطفال ولا مسارح فنيه , حتى أشجار الزينة الموجودة حول بعض الشوارع لم نعد قادرين على سقايتها والاهتمام بها , كل ما يهمنا هو سعينا إلى التملك وتملك كل شئ وأي شئ قياسا بما يملكه الآخرون ولا تهمنا كثيراً الطرق والوسائل , نريد أن نمتلك حتى من يعمل معنا في العمل العام أو في المزرعة أو  غيرها , فهم إما معنا أو ضدنا كأن الكينونة مرتبطة ببعض الناس وغائبة عن غيرهم , تحركنا الماديات بطريقة رهيبة ومعيبة ولم نعد نشعر بشفافية الحياة وعذوبة الروح إلا عندما يموت أحد نا . عندها .. وعندها فقط ندرك جميعاً نحن أهل الصحراء بأن الحياة جد تافهة ولا تستحق منا كل هذا العناء ولهذا فان أكبر تجمعاتنا البشرية نجدها في المقابر وفي مناسبات العزاء, فالرجل منا يسمح لنفسه بالقيام بأي شي إلا بالانقطاع عن المشاركة في مناسبات العزاء. كذلك نساؤنا فأنهن يعطين لأنفسهن الحق في الذهاب إلى العزاء سواء رضى الزوج أو لم يرضى لأنه من وجهة نظرهن حق عام يخرج بهن عن دائرة السيطرة الدنيوية... أما المسنين من الرجال أطال الله في أعمارهم فهم يعانون الأمرين نتيجة تجاهل زوجاتهم لهم بدعوى أن أولادهم صاروا كباراً وان عليهم أن يتفرغوا للصلاة والمساجد وينتظروا الموت !! فأصبحوا يتجولون في الشوارع ويلعبون (السيزه) في الأزقة ومنهم من فقد حتى السرير الذي ينام عليه أو المكان الذي يستريح فيه بمنزله, بل وصار يخشى ويخجل حتى في حديثة مع زوجته أمام أفراد الأسرة , وعندما يفكر احدهم في الزواج فان الدنيا تنقلب رأساً على عقب ويتحول الجميع ضده وقد يتهمونه بالخبل والجنون .

أخيراً فان الحقيقة التي علينا أن ندركها جيداً هي أن مجتمعنا مجتمع ريفي بطبعه يمتلك من الإيجابيات أكثر مما يعانيه من السلبيات. فقط يحتاج هذا المجتمع منا إلى (جدولة معطياته) إذا صح التعبير. بمعنى تحديد الأولويات في الأهمية وضبط مشاعرنا ومواجهة مشاكلنا الاجتماعية بشجاعة وبصراحة ووضوح وبالله التوفيق .

.

 


سجل دخولك و علق على الموضوع

 

مواضيع الكاتب

مواضيع الكاتب على صحيفة الوطن الليبية

روابط على موقعنا

 

 

واحة جالو على الفيس بوك

 

جالو ليبيا
اخر تحديث: 09/12/2010م.