برقة اسم يطلق على شرق ليبيا الذي
كانت تسكنه قبيلة لواتة عند الفتح الإسلامي، ولواتة أو بني لو يرجعون أصولهم
إلى قبيلة حمير من اليمن، وأنهم هاجروا قديما إلى المغرب.
هذا وقد شكلت برقة بعد الفتح
الإسلامي محطة للجيوش الإسلامية وللمسافرين في الطريق إلى المغرب العربي
والأندلس، وقد ذكر اليعقوبي في القرن العاشر استقرار بعض أبناء القبائل العربية
حول مدينة برقة (المرج) في الجبلين المطلين عليها من الشرق والغرب (1)، ولكن
هذا التواجد لم يكن ذا أهمية على الصعيد الإجتماعي والسياسي، وبقي النفوذ في
برقة لقبيلة لواتة حتى دخول قبائل بني سليم وبني هلال بدايةًًًًًًًًًً من عام
443ه (1051) وقد استقر منهم ببرقة بنو هيب وأحلافهم ناصرة وعميره ورواحة وفزارة،
بينما واصلت بقية بطون بني سليم وبني هلال وأحلافهم تقدمهم نحو المغرب العربي.
وقد ذكر الإدريسي في سنة 1154 مواطن
القبائل المستقرة ببرقة بعد مائة سنة من بداية هجرتها إلى برقة، وقال أن موطن
ناصرة وعميرة هو من قصر العطش ( غرب العقيلة حوالي 27 كم) إلى قافز (بين بنغازي
وقمينس)، أما رواحة فموطنهم من طلميثة إلى أرض برنيق (المنطقة حول بنغازي اليوم)
وموطن قبائل هيب من طلميثة إلى لك (شرق طبرق حوالي 100 كم) ومن العقبة الصغرى
إلى سرت مجالات رواحة وهيب (2).
أما ابن خلدون فذكر هيب وناصرة
ومحارب وبنو شمال ورواحة وفزارة، وقال نقلا عن ابن سعيد أن رواحة وفزارة من
غطفان (3)، وذكر القلقشندي بني صبيح قال أنهم من بطون بني فزارة (4) .
القبائل العربية ببرقة
القبائل العربية التي ذكر
المؤرخون العرب تواجدها ببرقة خلال الفترة بين منتصف القرن الثاني عشر وأوائل
القرن الرابع عشر هي:
-
بنو هيب
-
بنو عميرة: هم بنو
عميرة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم (7).
-
بنو ناصرة: هم بنو ناصرة
بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم، ذكر ابن خلدون أن مواطنهم وفزان
وودان (8).
-
بنو شمال: ذكر ابن خلدون
أن رئاستهم في العزة (9) ولم يذكر لأي القبائل ينتسبون، ويمكن أن يكونوا
اليوم هم الشمول في قبيلة سعيط من المرابطين.
-
بنو محارب: قال القلقشندي
أنهم من سليم (10)، أما ابن خلدون فقال أنه يقال أنهم من بني جعفر بن كلاب
بن ربيعة بن عامر بن هوزان (11)، لكن المعروف لدى النسابين العرب أن بني
محارب من محارب بن زياد بن خصفة بن قيس حيث يجتمعون في النسب مع بني سليم
وبني هلال في خصفة بن قيس، ويجتمعون في النسب مع بني هلال في عامر بن صعصعة
بن معاوية بن هوازن، وذكر القلقشندي أن محارب تتردد على بلاد الجيزية (محافظة
الجيزة) وأطراف البهنساوية (محافظة المنيا) (12)، وفي بداية القرن الثامن
عشر هاجر بنو محارب إلى مصر واستقروا بها (13).
-
بنو رواحة:
قال ابن خلدون نقلا ابن سعيد أنهم من بني غطفان بن قيس بن عيلان بن مضر
(14) ولم يذكر لأي بطون غظفان ينتسبون.
-
بنو صبيح: من بطون بني
فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، وهم عدة قبائل ذكرها القلقشندي
وهي:
-
أولاد محمد والجماعات
والشنفة والشعوب والعقيبات والعلاوي والعواسي والغشاشمة والقيوس
واللواحق والمساورة والمطارنة والمواجد والمواسي والنحاحسة (15).
-
وقد ذكر القلقشندي أن جماعة
من فزارة ممن يقيمون ببرقة نزلوا بأطراف البهنسا مما يلي الجيزية (محافظة
المنيا) (16)، كما هاجرت قبائل أخرى من فزارة غربا وهم الجماعات
والعواسى والمساورة، حيث استقر الجماعات بودان، بينما استقر المساورة
بمسراتة، واستقر العواسى بترهونة.
-
وفي فلسطين جماعة من المواسي
ينتسبون إلى مواسي برقة نزلوا بشمال فلسطين في نحو سنة 1814 واشتهر من
بينهم عقيلة بن موسى الحاسي الذي كانت له سطوة في مرج بن عامر وتوفي في
سنة 1870 (17)، والمعروف اليوم أن المواسي يشكلون فرعا من فروع قبيلة
الحاسة المتواجدة ببرقة.
-
وكانت لبني فزارة أوصاف
يعرفهم بها العرب وهي أنهم كانوا بيض ووجوه رجالهم كأنها وجوه صبيان (أي
لا تظهر عليها ملامح الكبر والتقدم في السن).
-
بني جعفر: ذكرهم ابن
خلدون وقال أن منهم أبي ذئب شيخ العرب ببرقة وقال أنه اختلف في نسبهم وأنهم
يقولون أنهم من الكعوب، ونقل عن سلام بن التركية شيخ أولاد مقدم جيرتهم
بالعقبة أنهم من بطون مسراتة من هوارة (18).
قبائل برقة اليوم*
خلال الفترة التي تلت القرن الخامس
عشر هاجرت بعض قبائل برقة شرقا إلى مصر وهاجر بعضها غربا إلى طرابلس، ومنها ما
تجمع في تكتلات قبلية أخذت أسماء جديدة وأصبحت تنتسب إلى التكتل القبلي الجديد،
وبقيت قبائل أخرى محافظة على كيانها ولم تذب في أي من االتكتلات القبلية
الجديدة.
ونتج عن هذه التغيرات الطارئة تقسيم
جديد قسم قبائل برقة إلى ثلاث وحدات قبلية هي السعادى والهنادي والمرابطين، حيث
أطلق مصطلح السعادى على القبائل التي اندمجت في بعضها وشكلت كيانات قبلية أكبر،
بينما أطلق مصطلح الهنادي على أولاد سلام من بطون لبيد، أما مصطلح المرابطين
فقد أطلق على فئتين هما:
ونتيجة لبعد العهد من التاريخ
القديم لتطاول القرون والأمية وعدم تسجيل الأنساب صاغت الروايات الشعبية شجرة
نسب مفترضة تجمع قبائل السعادى والهنادي وترجعهما إلى جد يعرف باسم الذيب أبو
الليل ينحدر منه السعادى عبر أولاده جبريل وعقار وبرغوث من زوجته سعدى بنت
مذكور التي ذكروا أنهم سموا بالسعادى على اسمها، كما ينحدر منه الهنادى ولده
هند بن الذيب أبو الليل من زوجة أخرى.
ومع كل الملاحظات على هذه الشجرة
فإني سأذكرها مع بعض التعليقات عليها، وسأتناول الحديث عن كل الهنادى والسعادى
والمرابطين.
أولا: الهنادى
تزعم الشجرة الإفتراضية أن الهنادي من هند بن الذيب
أبو الليل، ولكن الواقع أن الهنادي فرع من أولاد سلام الذين ذكرهم عدد من
المؤرخين والنسابين العرب مثل ابن سعيد وابن خلدون القلقشندي وذكروا وجودهم
ببرقة، ينقسم أولاد سلام إلى ثلاثة بطون هم:
ويرجع نسب أولا سلام حسب النسابة العرب إلى بنو لبيد
من بطون هيب بن بهثة بن سليم بن منصور، وقد أقام أولاد سلام ببرقة،
وإلتقاهم الرحالة العياشي في أرض البطنان (منطقة طبرق الآن) في سنة 1661
(20)، ثم هاجروا بعد ذلك إلى مصر في أوائل القرن الثامن عشر بزعامة يونس بن
مرداس السلمي (21) واستقروا بالبحيرة أولا ثم انتقلوا إلى الشرقية أثناء
حكم محمد علي ولا يزالون بها حتى الآن.
ثانيا: السعادى
ينقسم السعادى حسب الشجرة
الإفتراضية إلى ثلاث فروع هي:
انتقلت
قبيلة المجابرة من سهول برقة الى منطقة واحات الكفرة فى القرن الحادي
عشر الهجري و استوطنت هناك حيث قام افرادها باستزراع اشجار النخيل و
الفواكه واحتراف تجارة القوافل بين الواحات و مصر و السودان و غيرها و
قد نشبت بينهم و بين السلطان صليح حاكم واداى !!!!
و انتصروا عليه
ثم انتقلوا الى مصر فى عهد محمد على حيث مكثوا سبع سنوات و عادوا الى
واحة جالو حيث يقيمون فيها حتى الان.
(24)
الفقرة اعلاه وردت فى الكتاب بهذا الشكل ويبدو انه هناك اخطاء مطبعية
-
البراغيت:
أبناء برغوث بن الذيب أبو الليل وهم ثلاثة فروع هي:
-
الفوائد والرماح: أبناء فائد
بن محمد بن برغوث، وقد هاجروا إلى مصر في سنة 1817 واستقروا بالمنيا
والفيوم، ورئاستهم في عائلة الباسل.
-
قبيلة العرفا: أبناء عريف بن
برغوث.
-
قبيلة العبيد: أبناء عبيد بن
برغوث.
-
الحرابى وأولاد علي:
أبناء عقار بن الذيب أبو الليل، وهم: قبائل أولاد علي: أبناء علي بن عقار
بن الذيب أبو الليل، وأورد المؤرخ أحمد النائب نسبهم بأنهم: أولاد علي بن
راشد بن معرف بن عطية بن رحاب بن محمود (22) بن طوق بن بقية بن وشاح بن
عامر بن جابر بن فاتك بن رافع بن ذباب بن ربيعة بن زغب بن جرو بن مالك بن
خلف بن إمرىء القيس بن بهثة بن سليم.
وقد مر الرحالة ابن ناصر بنجعهم
(خيامهم) مع الحرابى في سنة 1709 في مكان بين العقبة الصغرى (شرق مرسى
مطروح) والعقبة الكبرى (السلوم) (23) وهو ما يشكل الآن موطنهم ويقع داخل
الأراضي المصرية بإعتبار أن الحدود بين ليبيا ومصر الآن في السلوم.
قبائل الحرابى:
أبناء حرب بن عقار وهم خمسة قبائل هي:
-
أولاد أحمد (حمد): أبناء حمد
بن حرب، و تربطهم بقبيلة البراعصة
أخوة من الأم.
-
الحاسة: أبناء حواس بن
حرب.
-
العبيدات: أبناء عبيد بن
حرب.
-
عائلة فائد: أبناء فائد
بن حرب هاجر عدد كبير منهم إلى مصر في سنة 1850 واستقروا بالفيوم.
-
الدرساء: أبناء إدريس بن
حرب.
ثالثا: قبائل المرابطين
هم مجموعة من القبائل تعرف
بالمرابطين وهم:
المنفه - المسامير- القطعان -
الفواخر - الموالك - العقائل - الحبون - الشهيبات - الشواعر - العوامه -
الحوته - سعيط - التراكي - الصوانع - الحسانة - العلاونة - السراحنة -
المشيطات - القبائل - الزوية - أولاد الشيخ.
وتضم قبيلة الحوتة كل من قبيلتي
الجرارة والسنينات، وقال النائب أن نسب الجرارة يرجع إلى جرير بن محمود جد
قبيلة المحاميد من بني ذباب من بني سليم (24)، ويرجع نسب قبائل الحوتة
والعلاونة والموالك إلى قبائل بني لبيد من بني هيب من بني سليم، ويقول
القطعان أنهم من الكعوب من بني عوف أحد بطون بني سليم، ويرجع الفواخر نسبهم
إلى يعقوب السخان بن سليمان الفيتوري جد الفواتير، أما نسب أولاد الشيخ إلى
عبد الله المصري بن الشيخ عبد السلام الأسمر الفيتوري المتوفى بزليتن في
سنة 1574، أما القبائل الأخرى فيمكن إرجاع نسبها إلى بني هيب وبني صبيح
ولواتة وهوارة.
* مصدر المعلومات
عن قبائل برقة الحديثة والشجرة الإفتراضية لقبائل السعادى هو: كتاب سكان ليبيا
(القسم الخاص ببرقة). تأليف هنريكو دي أغسطيني. ترجمة: خليفة محمد التليسي.
الطبعة2(طرابلس- تونس: الدار العربية للكتاب. 1990).
الهوامش:-
-
أحمد بن أبى
يعقوب بن واضح اليعقوبي. البلدان. ط1(بيروت: دار إحياء التراث العربي. 1988). ص
100.
-
أبو عبد الله محمد الإدريسي. نزهة المشتاق في اختراق الأفاق. ضمن كتاب
ليبيا في كتب الجغرافية والرحلات. اختيار وتصنيف: د إحسان عباس– د محمد يوسف
نجم.(بنغازي: دار ليبيا للنشر والتوزيع. 1968). ص 53،51. 3. أبي زيد عبد الرحمن
بن خلدون. العبر. الطبعة
-
(بيروت: دار الكتاب اللبناني- مكتبة المدرسة. 1983).
المجلد السادس. الجزء 11. ص 9.
-
أبو العباس أحمد بن على القلقشندي. قلائد
الجمان في معرفة قبائل عرب الزمان. حققه وقدم له ووضع فهارسه: إبراهيم الأبياري.
الطبعة2 (بيروت: دار الكتاب اللبناني- مكتبة المدرسة. 1402 هـ-1982). ص 113.
-
ابن خلدون. مصدر سبق ذكره. ص 143.
-
القلقشندي. قلائد الجمان مصدر سبق ذكره. ص
126.
-
أبي العباس أحمد بن على القلقشندي. نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب.
تحقيق: إبراهيم الأبياري. ط2(بيروت: دار الكتاب اللبناني. 1400 هـ-1980). ص
225.
-
ابن خلدون. مصدر سبق ذكره. ص 172.
-
المصدر السابق. ص 143.
-
القلقشندي. قلائد الجمان مصدر سبق ذكره. ص 128.
-
ابن خلدون مصدر سبق ذكره. ص
9.
-
القلقشندي. قلائد الجمان مصدر سبق ذكره. ص 128.
-
عمر رضا كحالة. معجم
قبائل العرب القديمة والحديثة. (بيروت: مؤسسة الرسالة. 1398 هـ- 1978). الجزء
3. ص 1042.
-
ابن خلدون. مصدر سبق ذكره. ص 9.
-
القلقشندي. قلائد الجمان
مصدر سبق ذكره. ص 113.
-
المصدر السابق. نفس ص. 113.
-
محمد حسن شراب (تصنيف).
معجم قبائل وحمائل وعائلات فلسطينية. الطبعة2.
-
ابن خلدون. مصدر سبق ذكره. ص
174.
-
المقريزي. البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب. موقع الوراق. ص
24-25.
-
أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي. الرحلة العياشية
المسماة ماء الموائد. ضمن كتاب ليبيا في كتب الجغرافية والرحلات. اختيار وتصنيف:
د إحسان عباس – د محمد يوسف نجم. (بنغازي: دار ليبيا للنشر والتوزيع والإعلان.
1388 هـ - 1968). ص 201.
-
مصطفى عبد الله بعيو. المختار في مراجع ليبيا. ط1
(بيروت: دار الطليعة 1392 هـ-1972).ج2. ص 169- 170.
-
أحمد بك النائب
الأنصاري.المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب. الجزء1. تقريظ وتعليق فالح
الظاهري المهنوي. الطبعة2 ( طرابلس: مكتبة الفرجاني. بدون تاريخ). ص 123.
-
أبو العباس أحمد بن مَحمد بن ناصر الدرعي. الرحلة. ضمن كتاب الحاجية من ثلاث
رحلات في البلاد الليبية جمع وتحقيق: د علي فهمي خشيم. ط1 ( طرابلس: دار مكتبة
الفكر. 1974). ص87-.88 24. النائب. مصدر سبق ذكره. ص 123.
-
محمد عبدالرازق مناع كتاب الانساب العربية فى ليبيا نشر مؤسسة ناصر للثقافة
- دار الوحدة - بنغازي - 1975.