
لأريب إن صفة
أمين اشتقت من لفظ الأمانة ، والأمانة كما
تعلمون ، هي لفظ يطلق على شيء ما وكًل
لشخص ليقوم على إدارته ، ورعايته ،
والحفاظ عليه ، وأداء الدور المناط بيه
حياله...
وفى الحقيقة هذه
الكلمة تثير في نفسي شعورا بالخوف ، لأنها
ببساطة تذكرني بما ورد في كتاب الله من
وعيد في حق الأمانة ، وهى حمل ثقيل ، ومن
دلالات عظمة ثقلها ، أنها عرضت على
السموات والأرض والجبال ، فاعتذرن عن
حملها ، إنها عظيمة ، وصعبة ، وحسابها
عسير ..وغفر الله لأبونا آدم على تسرعه في
قبول حملها ، وتوريثها لنا..
والاستهانة
بالأمانة أمر مروع دون شك ، وساقت البعض
إلى مزالق السؤ ، وأوردتهم مسالك الانحراف
عن المنهج السوي للإنسان العاقل..! ولكن
عن اى أمانة أتحدث هنا .؟
إن الأمانة التي
اعنيها هنا ، هي المرفق العام الذي يقوم
على خدمة الناس ، ورعاية مصالحهم ، والذود
عن مكتسباتهم ، وفى واقع الأمر إن البعض
منا يتحرى استلام أمانة ما وإدارتها ، بل
ويستنفذ كل الطرق المشروعة والغير مشروعة
، لأجل الوصول إلى ذلك ، وذاك البعض غير
مقدر لعظم المسئولية ، ولصعوبة
المهمة...!! من هنا كان العقلاء انطلاقا
من ثاني الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم)
، إلى يومنا هذا يذرفون الدموع ، ويسهرون
الليالي ، يحاسبون أنفسهم ، مدركين لعظم
الابتلاء..!
إن المسألة ليست
سهلة ، وهى تحتاج إلى قلوب عامرة بالخوف
من الله ، فا لأمر يحتاج إلى لجم النفس
بلجام الاستقامة ، وتنبيه الضمير باستمرار
، لان النفس الأمارة بالسؤ وحدها تكفى ،
فما بالك معها شياطين الإنس والجن ،
أعاذنا الله وإياكم منهم..!! والذين لا
يتورعون عن نعتك بالدروشة إن أنت أخلصت
الضمير، ورعيت الأمانة ، كما انك سوف توضع
مباشرة تحت مسطرة المثل القائل: ( اللي ما
ينفع روحه ما ينفع الناس) هذه بالضبط
حقيقة ما سوف تسمع..!! إننا لا نريد أن
يتحول الناس إلى ملائكة ، فا لذي يعمل
أكيد سوف يخطئ .. لكننا لسنا فئ حاجة
للذين يلتهمون البيضة والدجاجة معا...
إن الاستهانة
بالأمانة ، ساهمت بصورة أو بأخرى في حدوث
الكثير من العثرات وتسببت في عديد المصائب
على عدة صعد ..!! وهى التي حولت على سبيل
المثال لا الحصر المرفق العام ، إلى ملاذ
للكساد ، والهد رزة ودق الحنك..
هذه أحدى الصور
الباهتة لمظاهر الاستهانة بالأمانة ..فنحن
دون شك نحتاج إلى وقفة جادة ، وحادة ،
ليراجع كل منا نفسه ، ويقيُمها بكل
الإخلاص لله والوطن ، فكما يقال: ( اللي
يرد من نص الطريق كأنه ما مشى) إننا في
أمس الحاجة إلى من يعرف قدر نفسه فيقف
دونه ، دون خجل ، ودون شعور بالنقص ، وان
نترك وللأبد تلك العادة المشينة لدى البعض
، والتي يرى في تقلده لمنصب ما نوع من (
البرستيج ) وجزء من الشخصية إن الشخصية
الفاعلة أبدا لا تبنى على هذا النحو ، فمن
يتعقد ذلك قطعا جانبه الصواب ، فمن يريد
أن يبدع وان لا يكون نكرة في محيطه،
يستطيع فعل ذلك في حدود إمكانياته التي
وهبها له الخالق عزُ وجلُ ، فذلك ليس عيبا
على الإطلاق ، كما يجب ألا نستحي منه ،
هذه قوانين ونواميس في الكون وضعها عالم
الغيب والشهادة ، وخلاصة القول إن الأمور
لاتتحقق عبر الالتفاف على الحقائق ،
واستغفال الناس ، تلك مغالطة كبرى يقع
فيها البعض ، إن العامة أذكى من أن يضحك
عليهم حد بمقدار كراع نملة ، لذلك من
الأمور الرادعة ، هي جلد الذات ومحاسبتها
ووضعها على سكة الصدق مع الله ، والتفاني
في كسر عنفوانها ، وجموحها الدائم نحو
الانحراف ، إننا إن لم نتدارك أنفسنا ،
ادركتنا سيوف الحق الإلهية ، عندها فقط
نندم وعندها أيضا لا ينفع الندم ..!!