• الرئيسية • اخبار • مواضيع علمية • مواضيع ادبية • البوم الصور • روابط مختارة • سجل الزوار • المنتدى •

مفارقات عجيبه داخل الواقع الإجتماعي

محمد المبروك الوريدي

 14 -12 -2010 

 

العلاقات الإجتماعية زاوية مهمة في أركان كل مجتمع يخضع إلى عادات وتقاليد وروابط وضوابط إجنماعية وخاصة في تلك المجتمعات الصغيرة أو القروية ، والتي تكون فيها هذه العلاقات قريبة جداً أى علاقة الوجه للوجة ،حيث توشير هذه العلاقة إلى التوازن الإجتماعي داخل هذه المجتمعات ، وتشكل البناء الإجتماعي الذي يشبع إحتياجات الأفراد والجماعات والمجتمعات على حد سواء .

فالفرد بطبيعته ينضم إلى جماعة تحقق حاجته وتسكنه مكانة إجتماعية مع الآخرين ، وتعتمد الجماعة الإنسانية على قوة هذة العلاقات حتى تستطيع المحافظة على وجودها، وتحقيق أهدافها.

 ويؤكد دائماً علماء الإجتماع وعلماء النفس والأنثر بولوجيا على أهمية تلك العلاقات في المحافظة على توازن الإستقرار الإجتماعي وإستمرارية المجتمع وبنائه ، ومن ثم فإن لثقافة المجتمع بما تحتويه من قيم ومعايير وعادات وتقاليد وعرف لها أثراً كبيراً في تحديد نوع أونوعية السلوك التعاونى الذي يسود الجماعة ، وهم يؤكدون تلك العلاقات الإجتماعية السائدة بين أعضاء الجماعات في المجتمع الواحد.

 ولكن المشكلة الحقيقية التي أود طرحها وتعريفها هي بروز مفارقات كبيرة بين الأجيال في عملية التقارب والتباعد بين نوعية تلك العلاقات الإجتماعية السائدة داخل مجتمعاتنا العربية الحديثة .

فكل جيل يعتبر الجيل الذي يسبقه جيل تقليدى متمسك بالموروثات التربوية والأخلاقيات البالية وغير قادر على التعايش والتمشى مع المتغيرات الحديثة ،التى فرضتها العولمة ، ومواكبة التطورات العصرية على صعيد التربية والأخلاق والعلاقات الإجتماعية والثقافة والبناء الإجتماعي مما جعل الفجوة تتسع وتتسع بشكل كبير وسريع لدرجة لا يمكن وصفها، والغريب أنها أثرت حتى في المجتماعات البسيطة وبنفس الكيفية .

مما أدى إلى فقدان عملية التكيف الإجتماعي وهي عملية تلاؤم إجتماعي ، تؤدي إلى وقف الصراع بين الأجيال،فاتحديد ماهية التصادم وتركيبه الأجيال النفسية والفروقات  البيولوجية هي التي تميز كل جيل عن سابقه .

إن إحترام كل جيل للجيل الذي سبقه ماهو إلا دليل على تقبل كل منا لماضيه،وذلك لكي يكون له مستقبل يفخر بجذوره الضاربة فى عمق الأرض ، فلا يمكن لشجرة أن تنمو وتثمر بدون جذروها ،وهى الأفكار والقيم والمبادىء والعادات والتقاليد والعرف ،التى يعبر عنها الأجداد والآباء ،والتى يجب الإرتباط والتمسك بها مهما كانت درجة التغيرات الحديثة .

ويعيش العالم فى ظل العولمة صراعات عديدة نتيجة للغزو الثقافى ،الذى نتج عنه شعور الأبناء بالإغتراب الثقافى داخل مجتمعاتهم ،وإزدياد الفجوة بينهم وبين آبائهم وأجدادهم ،وهذه الفجوة كانت صغيرة فى العصور السابقة ، لكنها أخذت بالإتساع كلما تطورت التكنولوجيا ،وتسارعت وتيرة الحياة وبسبب تحسن المستوى التعليمى والثقافى .

ويمر هذا الجيل متن الشباب بمجموعة كبيرة من التحولات فى طرق العيش وأساليب التفكير وأنماط السلوك على صعيد العلاقات الإجتماعية والثقافية والقيم السائدة فى المجتمع ،مما أدى إلى إختلاط مباشر بفعل التأثير الكبير لثورة الإتصالات والمعلومات الرقمية والتكنولوجيا العصرية الحديثة ،وذلك بحكم أن هذا الجيل له تطلعات وإهتمامات وخصائص تنبع من تأهيلهم العلمى كانوا هم أكثر تأثيراً بهذه التحولات وكل مانجم عنها من تأثيرات سلبية أو إيجابية.

حيث نجد أن الشباب هم أكثر الفئات العمرية الراغبة فى تحقيق أهدافها وطموحاتها ،وأحياناً تتجاوز إمكانياتهم وقدراتهم الأمر الذى يدفعهم لمعايشة العديد من المشكلات، والإتجاه نحو الطرق غير المشروعة ، ومن ثم يقعون فى الأخطاء ،ويرتكبون الجرائم مخترقين قيم المجتمع ومعاييرة وضوابطه ، حيث الظواهر اللامعيارية أصبحت شائعة عند هؤلاء الشباب فاعقوق الوالدين والإختلاف فى الملبس والمظهر وقصات الشعر والإنزلاق فى براثن المخدرات والمشروبات الكحولية هروباً من مواجهة الواقع وتصرفات غير لائقة ، ووجود إنحرافات إجتماعية فى مواجهة الآباء بحزم وشدة ، مما أدى ظهور إضطربات نفسية وسلوكية منها الإكتئاب والقلق والإنطوائية والحزن وحتى الإنتحار.

العوامل المؤثرة والتى أدت إلى وجود هذه المفارقات :

1- كلما أزدات المدينة قبل التماسك والضبط الإجتماعى ،فمع إزدياد معدل المدينة ثقل العلاقات وترابطها بين أفراد المجتمع .

2- فقدان لغة الحوار والنقاش تؤدي إلى التشتت فى وجهات النظر، فنجد إنقسامات ،وتمرد يحدث شرخاً كبير فى وسط هذه الأجيال على كل المعتقدات والقيم والعادات والتقاليد سواء القديمة أو الحديثة .

3- التغيرات الثقافية وذلك نتيجة للغزو الثقافى أو الإحتكاك بثقافات مختلفة إحتكاكاً مستمراً ، حيث تؤدى هذه الثقافات الوافدة إلى وجود صراع بين القيم والمعتقدات الإجتماعية .

4- شدة التأثر الحضارى التى تخضع إليهما الأسرة وبشكل سريع ، حيث تتأثر بالمبادىء الغريبة فى أسلوب تنشئتها لأبناءها، مما شكل أساس للصراع الحضاري بين الأجيال .

ومن خلال المعطيات السابقة والتى دلت على إتساع الفجوة بين الأجيال المتعاقبة فى جل مناطق الدول العربية ، فإن كيفية إذابت هذه الفجوة تكمن ربما فى تصحيح الأخطاء، وتقريب الآراء ومد جسر التواصل من خلال الحوار الثقافى البناء والهادف بكل الطرق والأساليب الحضارية ، بحيث تصبح كهمزة وصل وذلك لتقريب وجهات النظر حتى تصل الآراء إلى مستوى متقارب ، ولتقليل المساحة والفاصل الزمنى فى طرق التفكير وأنماط السلوك بين الأجيال تقترح بعض الحلول التى قد تذيبا تلك الفجوة ، وتمد من شدة الصراع نجملها فى النقاط الآتية:

-  التأكيد والتشيع على عملية التكافل والتوافق الإجتماعى ، وذلك زيادة فى ترابط أركان وكيان وهوية المجتمع ، لكى يكون قادر على الوقوف أمام كل التحديات والمؤثرات .

-  قبول وجهات النظر والإعتراف بها ، والإبتعاد عن الأساليب العميقة ، والتركيز على نقاط الإلتقاء فى جميع الجوانب المحورية .

-      البحث عن الإيجابيات فى أركان الجيل الماضي مع محاولة تطبيقها بالنسبة للجيل الحالى .

-      يجب أن تكون الحرية الشخصية والإستقلالية المتاحة لجيل الشباب متوازنة فى التفكير والسلوك .

-  القرب العاطفى والتفاهم المشترك بين الآباء والأبناء ،وتنشئة الأبناء على حرية إتخاذ القرارات مع تنمية الهوايات وفق عادات وتقاليد المجتمع .

-      الحفاظ  على تكيف المجتمع وتحقيق المساواة يؤدى إلى إزالة التصادم .

-      ضرورة الإتقان فى ضبط الوسائل التربوية .

-  مواكبة الإتجاهات الفكرية والأبديولوجية الجديدة ، وتحقيق العدالة الإجتماعية ، لتفادى حدة الصراع .

الإيمان بمبدأ تداخل وتكامل الأجيال لا إنعزالها وصراعها .

 


سجل دخولك و علق على الموضوع

 

مواضيع الكاتب

روابط على موقعنا

 

 

واحة جالو على الفيس بوك

 

جالو ليبيا
اخر تحديث: 14/12/2010م.