• الرئيسية • اخبار • مواضيع علمية • مواضيع ادبية • البوم الصور • روابط مختارة • سجل الزوار • المنتدى •

جالــــــو قبل مائة عام

ارسلها للموقع: قصر الشرف
bsair2008@hotmail.com

01-06-2009

 

كان في جالو 11 مسجداً وزاويتان وستة وسبعون ألف نخلة

 سكان جالو أشتهروا بإقتفاء أثر الجرة بشكل غريب وعجيب

في أكتوبر من عام 1910 ميلادية وصلت هذه القافلة إلى جالو وستتجه بعدها إلى واحة الكفرة ويروي هذا الرحالة وأسمه صادق العظم وهو آمر لواء مشاة ومستشار السلطان عبد الحميد الثاني في كتابه " رحلة في الصحراء الكبرى في أفريقيا " قصة وصوله إلى واحة جالو في بدايات القرن الماضي وما شاهد في ذلك الزمان وكيف كان يعيش سكان جالو ومعاملاتهم وأفكارهم وميزاتهم لحظة بلحظة ويقول هذا الرحالة

إن واحة جالو تشبه جزيرة تتوسط محيط رمال الصحراء من كل جهة يوجد بها ألفين مسكن تقريباً وبها (11) مسجداً وزاويتان ويقدر الرحالة سكان جالو ببضعة آلاف ومحاطة بأشجار النخيل يتراوح تعدادها بستة وسبعون ألف نخلة ..

ويضيف إن أهل جالو أشتهروا بتجارتهم مع السودان منذ قديم الزمان وينحصر عمل الأهالي في واحة جالو في الزراعة وخاصة زراعة النخيل التي تعتبر مصدر دخل مهم لهم ويصنعون من التمر خبزاً وما يتبقى يباع إلى القوافل المارة إلى السودان أو الكفرة حيث يكسبون بعض المال كما تزرع في جالو كما يقول هذا المؤرخ الرحالة في ذلك الزمان الخضار مثل القرعة والطماطم والفلفل والبصل وبعض الخضراوات الأخرى

وسكان جالو سمر بالعموم وقليل من الزنوج حيث إن تجار هذه الواحة يتزوجون في السودان ثم يرجع أبناؤهم للمعيشة في جالو وملابسهم لا تختلف عن تلك التي تلبس في الأماكن الأخرى من الصحراء أي عبارة عن قميص وقبعة ويلبس الوجهاء عمامة والرداء المحلي ..

 وكل مساكن جالو بنيت من الحجر الرملي ويستعمل الطين من هذه الأراضي ثم جذوع النخل أما المطر فهو قليل جداً فقد تمطر كل 8 سنوات أو 10 سنوات مرة واحدة وفي هذه المرات يبدأ كل منهم في الدعاء لكي يتوقف المطر ذلك لأنه إذا أشتد المطر فإن جدران المنازل ستذوب مثل الملح في الماء وتتأثر كذلك زراعتهم بسقوط هذه الأمطار

ولا يوجد في جالو أي بئر به ماء مستساغ الطعم ويقول الرحالة إن درجة ملوحة المياه هنا وحرارتها الشديدة لدرجة إن فنجان القهوة الذي أعد من هذه المياه لايمكن شربة وبصفة عامة فإن أهل جالو يشربون هذا الماء إلا قلة منهم من الميسورين ومدمني الشائ فإنهم يجلبون ماءً حلواً من آبار " أبو الطفل " التي تبعد مسافة 8 ساعات مشياً من جالو ...

أما إذا كنت في السوق أو الشارع أو فناء المنزل أو أحد الحجرات فإن رجليك ستغرقان إلى الكوع في الرمل ولا يمكن المشي هنا بالأحذية العادية أو طويلة الساق وقليل من الأسر تستعمل البساط أو الكليم فوق أرضية الحجرات لغرفة الجلوس أو النوم ومع مرور الوقت فإن الرمل المطروح في الحجرة يتسخ فيقوم أصحاب البيت بحفر على عمق شبر أو اثنين من هذه الرمال وترمى في الخارج ويوضع مكانها رمال بيضاء نقية جديدة ..

 ويصف الرحالة سكان جالو بأن لديهم مهارة كبيرة تثير الدهشة والعجب في إقتفاء اثر الجرة لأي إنسان يمشي على الأرض وبإمكانهم أن يعرفوا زمن الجرة التي تمر في هذا المكان اوذاك .. ويقول الرحالة إن من القصص الغريبة التي سمعها حول هذا الموضوع أنقل لكم القصة التالية " قبل مدة من الزمن زار جالو تاجر من بنغازي ولم يجد صديقه بمنزله فسأل سيدة مارة في الطريق إذا كانت رأت هذا الصديق فأجابت بالنفي ولكنها قالت وهي تنظر إلى الأرض أنظر هذه آثار قديمة إذا تتبعتها عرفت أين ذهب وكان الأمر كذلك فتتبع الأثر فوجد صديقه .. قص علي هذه القصة التاجر البنغازي نفسه " .. ويضيف الرحالة وبسب هذه المهارة في إقتفاء أثر الجرة فإنه لا توجد سرقات بجالو وإن وجدت فهي قليلة جداً لأن السارق يمكن التعرف عليه والقبض عليه بسهولة ..

ويقول الرحالة أثناء زيارته لجالو لفت أنتباهي كثرة الذباب بشكل كبير والذي يزعج السكان لأنه يهاجم الوجهة ويستعملون لذلك مراوح من سعف النخيل أو منشًة من شعر ذيول الخيل .. وتتميز جالو بغزارة إنتاج التمور وتستعمل العديد من أجزاء النخلة ويمكن أن يصنع منه مثل الجريد والسعف وكذلك يؤخذ " اللاقبي " من النخيل

ويقول الرحالة أثناء وجودنا في جالو وصلتنا الكثير من الهدايا من الأهالي وكانت تشمل هذه الهدايا بعض الأغنام وشئ من التمر ويقول الرحالة بأن الحاج فتيته وهو من أعيان جالو أحضر لي مجموعة من الأدوات اللازمة للرحلات في صحراء أفريقيا وذلك على سبيل الإستعارة وإرجاعها له عند العودة من واحة الكفرة ومن هذه الأدوات شمسية كبيرة وفانوس يدوي وعدد أثنان قربة ماء .. لقد كنت أذهب في بعض الأحيان إلى منزل قائمقام لتناول وجبة الغداء أو العشاء وقد رافقنا عندما اتجهنا إلى واحة الكفرة عدد من أعيان واحة جالو وهم الشيخ شعيب يونس والسيد / محمد سلطان والسيد / محمد بن الشفيع والسيد / عمر الصغير ومنصور أفندي وغيرهم الكثير ممن رافقونا في هذه الرحلة ... وعند عودتنا من واحة الكفرة بعد رحلة قاربت من الشهر وصلنا إلى واحة جالو من جديد ويقول الرحالة لقد حضر الجميع للترحيب بنا من وكيل القائمقام والموظفين والجنود وأعيان البلد وكذلك النساء والأطفال وخرجوا لإستقبالنا بالزغاريد والبهجة كأنه عرس وهم يدعون ويهتفون ودخلنا وسط هذا الحشد الهائل من التصفيق والتهليل بل كنا نسمع الهتافات من وراء الجدران ومن فوق السطوح ولم أستطع أن امسك بضع دمعات من دموع الفرح لشدة تأثري لهذا الموقف .. كان الأهالي قد اعدوا لنا مكانا يشبه الميدان ويقول الرحالة كأنني خلقت من جديد بعد هذا الإنقطاع عن العالم وأحداثه وما أستجد فيه من الجديد .. لقد أراد أهل جالو أن يستضيفوا بمنازلهم كل أفراد القافلة مجموعات مجموعات .. وهكذا انتهت هذه الرحلة إلى جالو وغادرت هذه القافلة واحة جالو في يوم الأحد 13 / نوفمبر 1910 ..كانت هذه التفاصيل الكاملة لقصة المؤرخ الرحالة صادق العظم مع زملائه إلى واحة جالو قبل مائة عام تقريباً تنفرد مجلة التوعية بنشرها حتى نتعرف عن الأحوال البشرية والاجتماعية لأولئك الناس الدين عاشوا في ذلك الزمان في بدايات القرن الماضي

 إعداد / بشير علي بشير

مجلة التوعية جالو العدد 13

سجل دخولك و علق على الموضوع

 

 

روابط على موقعنا

 

 

 

جالو ليبيا
اخر تحديث: 09/12/2010م.