•
الموضوع من صحيفة المؤتمر > يوسف المسلماني رجل في خنادق الحق |
يوسف المسلماني |
|||
محمود البوسيفي |
|||
|
|||
اسمه [
كرميني يــــــوريو جوسيبي Giuseppe Carmini Jorio] ولد في
العام 1883 ، وشهدت طفولته حزمة من الأحداث المثيرة دفعت كاهن كنيسة
بلدته للقول وهو يحدق في عينيه [كرميني.. أنت طفل مبارك وسوف يكون لك
شأن عظيم .. وأنا على ثقة بأن مستقبلك سيكون حافلاً بالانحياز للحق ]
.. ما يدعو للدهشة أن الطفل امتنع بعد ذلك عن الذهاب إلى قداس الأحد
رغم إلحاح والدته .. وكان يتجنب الدخول في مناوشات أقرانه وصراعاتهم
الصغيرة. |
|
قصر الشرف
28-06-2009
شارك مع المجاهدين وتزوج من فتاة مجبرية واعدم في جالو إنها قصة رجل نحتسبه عند الله شهيداً بإذن الله تعالى فقد ترك الجيش الإيطالي والتحق بالمجاهدين وأعلن إسلامه وأعدم بالرصاص من قبل الإيطاليين وفي سبيل ذلك حاولنا العثور على وثائق ومستندات توضح وتثبت سيرة هذا الرجل وما قام به من تضحية وفداء أما المصادر التي اعتمدنا عليها فهي بعض المستندات من مركز الجهاد وكتابات للكاتب فتحي الساحلي وبعض المعلومات الشفوية من سكان مدينة جالو ...
ولد الإيطالي ( كرميني يوريو جوسيبي ) والذي أطلق عليه بعد إسلامه" يوسف المسلماني " بمدينة نابولي الإيطالية عام 1883 من أسرة معتدلة ومتشبته بالديانة المسيحية وقد عرف عنه بالذكاء وسرعة البديهة وحب المعرفة تحصل على نصيب من المعرفة والتعليم ويحكى إنه في بداية حياته رأى في منامه رؤيا غريبة حيث رأى إنه يجلس على صخرة عالية فوق جبل شاهق في يوم عاصف وفجأةً تحولت يداه إلى جناحي نسر ضخم وتحول رأسه إلى رأس نسر أما رجلاه فقد تحولت إلى ذيل طويل بريش ذي ألوان زاهية وبينما كان النسر يصارع تلك الرياح العاتية ظهرت أسفل الجبل أفعى رقطاء ذات ثلاث رؤوس وحدثت معركة رهيبة بين النسر والأفعى وتكررت هذه الرؤيا معه عديد المرات حيث كان يصحوا في كل مرةً فزعاً مرعوباً بعدها ظهرت على الطفل " كرميني " علامات الإنطواء والعزلة وأمتنع عن الذهاب للكنيسة والملفت إنه كان يحدث أقرانه في المدرسة بأنه عندما يكبر سيكون خلاف ماهو علية الآن ..
في عام" 1901 " ترك الدراسة وانخرط في سلك الجندية حيث تعلم صناعة وإصلاح وتطوير الأسلحة الخفيفة ....وعندما أعلنت الحرب على ليبيا في أكتوبر "1911 " كان من ضمن القوة البحرية التي توجهت لإحتلال مدينة درنة وبعد إحتلال مدينة درنة كان لهذا الجندي علاقات وأصدقاء من الليبيين حيث كان هدفه تعلم اللغة العربية لكي يتمكن من قراءة القرآن الذي سمع عنه الكثير وشارك في عدة معارك ضد المجاهدين وكانت أهم هذة المعارك معركة" مرتوبة " بالقرب من درنة عام " 1911 وربما اكتشف " كرميني " في هذه المعركة حقيقة وظلم ووحشية هذا الاحتلال وأيقن حينها مدى عدوانية الإيطاليين وعرف يقيناً الصراع بين الخير والشر الذي يمثله الطليان بظلمهم وجبروتهم وبناء على هذه المعطيات اتخذ كرميني أهم قرار في حياته وقرر الهروب من الجيش الإيطالي وتسليم نفسه للمجاهدين والدخول في الدين الإسلامي كان ذلك في العام 1916 حيث حملوه المجاهدين إلى المجاهد الفضيل بوعمر بتكليف من شيخ المجاهدين عمر المختار وذلك حسب ما أفادت به الروايات حيث اشهر إسلامه واختير له أسم "يوسف المسلماني "( مع الإشارة بان بعض الروايات أفادت بأنه اسر من قبل المجاهدين في إحدى المعارك ) ... وقد شارك المجاهد "يوسف المسلماني " في الكثير من المعارك ضد الإيطاليين طيلة أثنى عشر عاماً ومن اشهر المعارك التي شارك فيها وأبلاء فيها بلاءً حسناً معركة بئر بلال ومعركة مرسى البريقة ومعركة سلوق ومعركة عرق الجلب ومعركة عكرمة وتجدر الإشارة هنا الى ان المجاهد المسلماني حفظ القرآن الكريم بعد تعلمه العربية ونظراً لشجاعته وحسن تدبيره فقد أسندت إليه قيادة عدة عمليات فأداها بنجاح حتى إن عمر المختار رقاه إلى رتبة ملازم وأحبه الفضيل بوعمر وقربه إلى نفسه .... وزوجه من فتاة تنحدر من قبيلة المجابرة تدعى " تبرة موسى ألمجبري" الشهير بلقب" موسى بعرو " وأنجب منها ولداً وبنتاً وهما (محمد وعائشة ) وتزوج محمد وأنجب اثنى عشر ولدا وبنتاً ( سبعة أولاد وخمس بنات )والأبناءوهم على التوالي ( يوسف – فتحي – موسى – خالد – أشرف – احمد – فرج ) وتوفي الأبن الأكبر محمد يوسف المسلماني في عام 1993 عن عمر ناهز 66 عاماً يرحمه الله رحمةً واسعة أما باقي أحفاده فلازالوا حتى هذا التاريخ ينعمون بالحياة أطال الله في أعمارهم وهم يعيشون في مدينة بنغازي كما اراد لهم جدهم البطل يوسف المسلماني ...
وتم القبض على المجاهد البطل يوسف المسلماني في جالو وذلك نتيجةً لوشاية من بعض الخونة المتعاونين مع الأستعمار الإيطالي وذلك بأقتفاء أثر رجلية حيث كان يمشي حافي القدمين .. وعند التحقيق معه قال للإيطاليين كلمته الشهيرة بالعربي " لقد تركت هذا الدين وتركت لغته إلى الأبد " إنه حقاً الأيمان والصبروالايمان بالمبادئ والمثل الراسخة رسوخ الجبال الشامخة .. وتم تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص من الخلف بميدان السوق بجالو عام 1928 وتفيد الروايات الشفوية وشهود عيان إنه كان رابط الجأش مرفوع الرأس وقد صلى ركعتين قبل تنفيذ حكم الإعدام .. ويقال إيضاً بأن الجنود الطليان حاولوا إغراءه بكل السبل بأن يرجع عن الدين الإسلامي فيخفف الحكم عليه ولكن رفض ذلك وانتظر تنفيذ حكم الإعدام فيه وهو يتلوا القرآن الكريم وينطق بالشهادتين وكانت وصيته فقط أن يتركوا أولاده يعيشوا بسلام بين المسلمين
هذه هي سيرة هذا المجاهد البطل الذي ترك أسرته وعاف وطنه وهجر نصرانيته إلى دين الله الحق – الإسلام – وقدم روحه في سبيل الله .. رحم الله الفقيد وأدخله فسيح جناته ...
إن عرض قصة هذا البطل تذكرنا بنضال وجهاد وطريقة إعدام البطل شيخ المجاهدين " عمر المختار " لقد أحب البطل " يوسف المسلماني " هذه الأرض وترابها الطاهر .... ورحل وهو مرفوع الرأس متوسداً التراب الذي ضحى في سبيله ودفن بجالو التي أحبها كثيراً .. ولابد أن نشير إن أحفاد المختار اخفوا أولاد المسلماني خشية أن يأخذهم الطليان وأطلق أسم محمد على أبنه الأكبر إقتداءً بسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأخيرا ألا يستحق هذا البطل المجاهد أن نعرض سيرته الذي تذكرنا دائماً بالأبطال العظام الذين سطروا تاريخهم بأحرف من نور "
مع تحيايي / بشير علي بشير
مجلة التوعية العدد( 12)