• الرئيسية • اخبار • مواضيع علمية • مواضيع ادبية • البوم الصور • روابط مختارة • سجل الزوار • المنتدى •

الليبيون فى تشاد .. هجرة منسية 2-2

للصحفي: المتوكل محمد موسى

 

نواصل ما إنقطع من حديث الدكتور فرج عبد العزيز نجم عن هجرة الليبيين إلى تشاد .. وقد كنت نوهت فى الجزء الأول أننا ننشر هذه المقالات تعضيداً للمقالات التى كنت قد نشرتها فى جريدة الصحافة بعنوان الليبيون فى دارفور: هجرة منسية، قبل نحو عام، لما لهذه المقالات من صلات وثيقة .. أكرر، وأنا أقدم لهذا الجزء الثانى من هجرة الليبيين إلى تشاد، أكرر الطلب إلى كل من يعلم شيئاً عن هجرة هؤلاء النفر إلى بلاد السودان أن يتواصل به معنا حتى تكتمل صورة هجرة هؤلاء النفر إثراءاً للمكتبة التاريخية لبلادنا.

 

 هذا وقد إرتأت القبائل الليبية أن واجبها الشرعي يحتم عليها القتال ذوداً عن الإسلام ودياره، وبالرغم من إستمالة الفرنسيين للشيخ غيث وسعيهم لمقابلته بغرض إنهاء حركة المقاومة إلا أنه رفض ذلك بشدة، وقاد الشيخ غيث سيف النصر مع إخوانه القادة أمثال الشيخ البرانى الساعدى الزوى والحاج محمد الثني الغدامسى والشيخ الفضيل بو خريص الكزة خمسة آلاف من المجاهدين من أخوان السنوسية وأغلبهم من قبيلة الزوية، وكذلك قبائل أولاد سليمان وحلفائهم من الليبيين كورفلة والمغاربة والقذاذفة، ومن التشاديين القرعان والطوارق في معركة بير علالي عام 1901م، وكان يوماً محتدماً عسيراً، فثبت الأبطال وصبروا حتى فاز الكثير منهم بالشهادة وفي مقدمتهم قائدهم الشيخ غيث عبد الجليل سيف النصر، وكان ذاك اليوم يوم الزوية حيث فاز ستين من رجالها بالشهادة من مجموع قدره مائة شهيد، ومن مشايخهم كان الشهيد أبو بكر قويطين الذي عندما سمعت أمه بإستشهاده هو وأبناء عمومته رفضت العويل والندب كما يفعلن النساء عند الفاجعة ولكن نثرت زغاريدها في الأفق وإرتجزت قائلة:  انعنهم افدا لسياد اللي في علالي رقدوا

 

 هذا وكانت للمجاهدين جولات وصولات مع النصر، ومما زاد في همتهم تلك النجدات التي جاء بها إخوانهم من القبائل الليبية في ليبيا بقيادة كل من السيد المهدى السنوسى ما بين عام 1899 وعام 1902م، ومن بعد وفاته إستمر على نفس النهج خليفته وابن أخيه السيد أحمد الشريف، وأشهر تلك النجدات كانت فزعة قبيلة المغاربة من بيت بهيج، حيث جاء الشيخ مصطفى بو طيغان في كوكبة من فرسان المغاربة يزيد عددهم على السبعين من صفوة أبناء عمومته من برقة، وكان يوماً دامياً في تشاد، ففاز جميعهم بالشهادة عام 1907م.

 

وعندما رحل السيد المهدى من الكفرة إلى قرو (تشاد) في رحلة إستغرقت الشهرين تقريباً وإستخدم قرابة 3800 من الإبل في نقل كل ما خف وثقل من حاجاتهم من المؤن والكتب والأسلحة، وصحبه قرابة 1066 رجلاً من الأخوان وشيوخ قبائل والحاشية ومن ألح على مرافقة السيد إلى تشاد. ومن كبار أخوان السنوسية كان فى مقدمتهم السيد أحمد الريفى (مستشار السيد الخاص) والسيد حسن البسكرى والسيد السنوسى الأشهب والسيد مصطفى المحجوب والسيد محمد الثني الغدامسي والسيد محمد الدردفي والسيد العلمى الغمارى والسيد أحمد البوسيفي.

 

 وبقية هؤلاء الرجال كان معظمهم من قبيلة الزوية، المشهورة بالفروسية والشجاعة وزكاة دمائها التي طرزت رمال الصحراء، فشكلوا أغلبية الركب، ولا نستطيع حصرهم لكون شيوخها وعوامها يعدون الخواص وحماة الحركة السنوسية في الجنوب وكذلك كون بلدتهم، واحة الكفرة، ثاني مدينة سنوسية وتحوى رفات السيد المهدى وعاصمة الحركة آنذاك. والجدير بالذكر أن السيد المهدى بهرته قبيلة الزوية بكرمها وإلتزامها بنهج السنوسي، وكذلك إستجابتها لدعوته لتناسى كل الضغائن والأحقاد التي كانت بين بيوتاتها وأفرادها والقبائل الأخرى وخاصة التبو، ولم يتوقف الزوية عند ذلك، بل تنازلوا عن ثلث ما يملكون من نخيل وبساتين وأراضي وجعلوها حبساً ووقفاً من أوقاف الحركة السنوسية، وهذا الإلتزام وما عقبه من إستبسال في قتال أعداء الإسلام أينما كانوا، نقل قبيلة الزوية نقلة نوعية وجعلها تضاهى بفرسانها ودماء شهداء قبائل السعادى المعروفة تقليدياً بصولتها في برقة، وفي نظرنا معركة الكفرة كانت تتويجاً لمفاخرهم ضد الطليان، ففي عام 1931م جعلت قبيلة الزوية من أشلائها صداً منيعاً ضد جحافل الطليان الزاحفة على واحتهم، وكان في مقدمة الشهداء مشايخهم مثل صالح العابدية وسليمان بو مطارى، فإستقبلوها وهم يتغنون بكبرياء الشهداء الأحياء "مرحب بالجنة جاءت تدنى"، وخلف الشيخ صالح إبنه على باشا العابدية الذي هاجر إلى الأردن وعاش في منطقة تقع على مفرق طرق، فتجمع حولهم كثير من العرب، وإستقروا هناك وأصبح علي باشا رئيساً لتلك البلدية التي عرفت فيما بعد بالمفرق، ولا زال شارعها الرئيسى يعرف بشارع علي عابدية.

 

 على أي حال؛ كان الكثير من شيوخ الزوية ممن رافق أو كان في إنتظار السيد المهدى أمثال الشيخ الشهيد عبد الله الطوير (قتل في شمال تشاد 1906م) والذي أصبح إبنه محمد فيما بعد نائباً فى البرلمان التشادى، والشيخ الشهيد البرانى الساعدي (قُتل فى شمال تشاد 1907م)، وخلفه من بعده ابنه الذى قاتل مع السيد أحمد الشريف في مصر، ومن ثم رجع ولحق بالشيخ عمر المختار في حكومة أجدابيا، وكذلك الشيخ بو عقيلة الزوى، ومن قبيلة البراعصة الذين رافقوا السيد المهدى كان الشيخ مازق بو بكر حدوث، جد السيد حسين مازق، وشاعر البراعصة الشهير محمد بو فروة والد المجاهد السيفاط، والشيخ عبد الله حفالش والشيخ عبد ربه بو حنتيشه. وكذلك أحد أدلاء الركب وخبراء الطريق الشيخ الوجيه جاد الله زنين (من أولاد حمد)، ومن قبيلة العواقير كان الشيخ الفضيل بو خريص الكزة والشيخ محمد عبد القادر الكزة. ومن قبيلة العبيدات محمد بو زيد ومحمد عقيلة، ومن المغاربة الشيخ عبد الهادى البرانى والشيخ مصطفى بو طيغان بهيج، ومن قبيلة الدرسة الشيخ عبد الكريم موسى، ومن قبيلة المنفة الشيخ الرمز الشهيد عمر المختار والشيخ الشاعر رجب بوحويش شاعر معتقل العقيلة وصاحب قصيدة "ما بمرض غير دار العقيلة"، وكان من المجابرة الحاج فتيته المجبرى والحاج عبد الله البشارى، من قبيلة الجرار الشيخ محمد المهدى الجرارى، وغيرهم من الرجال الذين لا زالت سجلات التاريخ تحفظ لهم ذكرهم بكل ما هو خير.

 

إن هذه القبائل عندما توفرت لها القيادات الراشدة سواء من أبناء جلدتها أودينها أثبتت أنها فاعلة وعلى قدر المسؤولية داخل الوطن وخارجه، كما أثبتت وفاءها لهذه الأمة ودينها، وخير من وصف نضال أبناء هذه القبائل الدكتور محمد خفاجي، فقال: "نضال أكسب الأمة العربية والإسلامية مجداً وفخراً وزهواً، بما سطَّره المجاهدون فيه على أرض ليبيا العربية من آيات البطولة والإقدام والتضحية والإستبسال فى الدفاع عن حياض الوطن المقدس".

 

 وإن هذه القبائل كما رأينا لعبت أدواراً تفاوتت في حجمها ولكنها محورية، وهي بمثابة همزات الوصل بين وطنها الأصلي والأوطان التي رحبت بها بعد ما وقع عليهم من جور .. فيجب علينا الإهتمام بهم، وذلك بالدراسة والتدوين ورصد كل ما يمرون به من تغيرات إجتماعية وسياسية وإقتصادية وعلمية، كما يجب علينا جميعاً أفراداً وجماعات أن نستثمر هذا الولاء الذي تضمره هذه القبائل للوطن الأم، وأوطانها الحالية لما فيه من خير لليبيا والدول التي تعيش فيها، ونعطيها مزيداً من العناية، ونشجعها على مد الجسور بيننا وبين إخواننا العرب والمسلمين كما تراه هي، حتى نقوى عرى الإخوة والتبادل الإقتصادى مما يسهل لنا إندماجاً منشوداً مع دول الجوار يدر نفعاً ويؤدى إلى وحدة يفرضها الشرع علينا وتأمرنا إلحاحاته المتكررة لكى يستفيد منها جميع الأطراف المعنية.

 

 

المتوكل محمد موسي                                      

حررت: 06-07-2008                                     

 Almotwakel_m@yahoo.com                           

روابط على موقعنا

 

 

كتب ذات علاقة

حمل الكتاب

 

مكتبة صيد الفوائد

 

 

 

هذه الفقرة من اختيار مشرف الموقع

مقتطفات من كتاب الدكتور علي محمد محمد الصلابي 

صفحات من التاريخ الاسلامي في الشمال الأفريقي

الحركة السنوسية

الجزء الثاني

ارسل محمد البراني الى كانم فبني زاوية في بير العلالي، وطفق يجمع جيوشاً من قبائل التبو، والطوارق وأولاد سليمان، والزوية، والمجابرة لمواجهة الزحف الفرنسي). تقدم الفرنسيون نحو كانم في حملة مجهزة بالاسلحة والمعدات الحديثة، واستعد السنوسيون لملاقاتهم فوضعوا حامية كبيرة في بير العلالي، واشتبكت الحملة في معركة حامية الوطيس مع الاخوان السنوسيين، وكان النصر حليف المدافعين برئاسة الشيخ محمد البراني الساعدي فأرتدت الحملة الفرنسية خائبة بعد أن تركت ميدان المعركة زاخراً بأشلاء الموتى، والجرحى، والمعدات واستشهد عدد غير قليل من بينهم، الشيخ عبدالله بن موسى فريطيس** ، ووصل الخبر الى الامام المهدي، فأرسل من عنده نجدة لمعاونة المجاهدين واستأنف الفرنسيون زحفهم مرة أخرى، وكان عدد شهداء المعركة الثانية مائة شهيد، من بينهم كل من الشيوخ؛ غيث سيف النصر، ابوبكر قويطين، يونس بدر، السنوسي خيرالله وشقيقه عبدالله، وغيرهم، وقد بلغ عدد الأموات من الفرنسيين مائتين وثمانين منهم خمسون وعشرون ضابطاً. وفي اليوم التالي من هذه المعركة زحف الفرنسيون بعدد كبير من الجيش تعززه قوات احتياطية، فاشتبكت مع المجاهدين في معركة حامية الوطيس نتج عنها انسحاب المجاهدين، واحتلال القوات المعادية لمركز (علالي)، وفي هذه الاثناء وصلت نجدة من المجاهدين يقودها محمد عقيلة، واحتكت بالفرنسيين في مركز لهم اقاموه خارج (علالي)؛ فألتحمت هناك معركة دامية، اسفرت عن احتلال المقر الفرنسي، والاستيلاء على جميع ماحواه وفر عدد قليل من الفرنسيين الى (علالي)

الفقرة اعلاه تجدها في الصفحة 40 من الجزء الثاني (حمل الاجزاء الثلاث للكتاب)


**يقطن احفاد الشيخ عبدالله موسي فريطيس حاليا فى جالو و هم (محمد - عبدالله - المرحوم صالح - احمد - يونس - عبدالرحمن) 

 
 

سجل دخولك و علق على الموضوع

 


مقالات الكاتب


جالو ليبيا
اخر تحديث: 09/12/2010م.