Share |

 

المدينة مهد الحضارة فيهاعرف الإنسان طعم الراحة والإستقرار من بعد طول تشرد ومطاردة في البراري والقفار، وهي البوتقة الإنصهارية التى تمازجت فيها إبداعات الإنسان وإرهاصات الفكر وقدرات الأمم الخلاقة وهي الأرضية التي تبرعمت فوقها الثقافات وأزدهرت في حدائقها العلوم والفنون وهي رمز الأمة وشاهد علي حضارة أهلها وهي إنعكاس لأخلاق مواطنيها وقيمهم ومثلهم فعندما تكون المدينة في أزمة فإنها في الحقيقة تعبر عن أزمة الأمة التي تنتمي إليها فهي تزدهر بازدهار الأمة وتنحط بانحطاطها وهي تعظم بعظمتها وتتداعى بتمزق أوصالها كما أنها نظام نسيجي من العلاقات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والسياسية والإدارية المتشابكة مع بعضها البعض وهي تبقى ما بقى النسيج محكماً فلو ترهل أصابها الوهن والعجز فبعضها إندرس وانطمس أمام عوائق الأيام وتائبات الدهور وفيها ما حافظ علي أسباب قوتها وأستمر تدفق دم الشباب في شرايينها غير أن تدعى الأخلاق وانحطاط الفضائل وانتشار المفاسد والرذائل في المدن هي أعدى أعدائها فهي تقود إلى التيه والضياع الاجتماعي حيث تترنح القيم والمثل وتصبح المعايير الأخلاقية التي تحكم علاقات الأفراد والجماعات في حالة ضياع وتكون النتيجة تفكك وأزمات إجتماعية مما تتراجع معه العلاقات الإنسان وتتلاشى معه دفء اللقاء وتتباعد النفوس وتفتقد روابط الأخوة والمجاورة وجودها وتسقط عرى المحبة لتحل محلها الروابط العادية التي تحكمها المصالح الشخصية والرغبات الذاتية ويعانى الإنسان في المدينة من الضياع والغربة الذاتية ويشتد بين أفرادها وجماعاتها القلق وتنتشر بينهم حالات التأزم والإنهيار العصبي وتسود الانحرافات وتتسع دوائر الجريمة كرد فعل تدهورالأحوال الإجتماعية والنفسية ويلجأ البعض إلى الانتحار هروباً من الآم الضياع الاجتماعي والتمزق النفسي، ونعلم يقيناً أن القضايا الإجتماعية مرتبطة بالأوضاع الإقتصادية فسؤ الأحوال الاقتصادية نتيجة لقلة فرص العمل أو انخفاض مستوي الدخل فإن الإنسان يواجة بطالة خانقة وفراغاً قاتلاً فتداعي الحياة الإقتصادية يترك أثارا سلبية علي البناء الاجتماعي لأن الحياة الإقتصادية ترتبط بخدمات أساسية لا تنحني عنها وعندما تعجز المدينة عن تقديم مثل هذه الخدمات يلجأ الكثيرون مضطرين لتركها فهي في بداية الأمر تبدو عامل جذب وما أن يفشل القادم إليها في توفير السكن الملائم فإنه يجد نفسه في النهاية مترنحاً بين أحيائها المتداعية ناهيك عن أزمات التلوث والمرور والنقل وأزمات المرافق العامة والخدمات كالمياه والكهرباء والتعليم والصحة والرعاية الإجتماعية وغياب الارتباطات العاطفية ...إلخ.
إن الحديث عن أزمة المدينة طويل وطويل جداً وما قصدته في هذه اللمحة الموجزة ما هو إلا إشارة لسكان الواحات والقرى.. الواحات الطيبة النقية الطاهرة والقرى الجميلة التى تنعم بالأمن والأمان وعمق المشاعر وقوة الروابط الإجتماعية وتظهر فيها أجمل صور التكافل والتضامن الاجتماعي ... فلنتمسك دائماً بواحاتنا وما تشربناه منها من تقافة وقيم ومثل ولنحافظ عليها ونسأل الله أن يبعد عنها شبح المدينة الزائفة التى تنهار فيها القيم والعادات والتقاليد وتتفاقم فيها المشكلات وتنمو فيها الصراعات " فالواحة راحة ".

مواضيع الكاتب

• نفسيات الأطفال

• أزمة المدينة

   

 

 

روابط على موقعنا

مشاركات بموقع اللجنة الشعبية العامة مشاركات منوعة اللأستاذ الراحل أحمد الشحاتي الكاتب عادل أبوبكر الطلحي المؤرخ الراحل محمد  بازامه خديجة بسيكري وقفة مع جالو جالو فى مذكرات حسنين 1922 كتاب رحلة الى افريقيا لـ كاثرين هوتون جالو فى مذكرات فريدريك هورنمان اسرار الصحراء لـ روزيتا فوربس خريطة جالو من الفضاء شيخ الشهداء قبائل برقة القبائل الليبية و الهجرة الأديب عطية الأوجلي ماذا تعلم عن النخلة مدونة واحة جالو الشكاوى و الاقتراحات المجابرة فى دارفور الليبيون فى تشاد - هجرة منسية صيانة طريق جالو اجدابيا تطوعا المرحوم جابر امحمد الصادق المجبرى الكاتب على المجبري متابعة قورينا لنشاطات الواحات مجلة التوعية الشهيد الفضيل بوعمر المجاهد عبدالله البشاري المجاهد صالح فرحات عائلة بازامة والجهاد سيارة عكوش الشيخ صالح فنشة الشيخ إدريس الطويل الشيخ أحميدة العقيلي الشيخ أحمد عمر الهجينة عبدالله مؤمن عبدالله تهاني الواحة

واحة جالو على الفيس بوك

جالو ليبيا

اخر تحديث: 28/06/2012م.