• الرئيسية • اخبار • مواضيع علمية • مواضيع ادبية • البوم الصور • روابط مختارة • سجل الزوار • المنتدى •

الفيدرالية في ليبيا ...جدل قائم وأخطاء منهجية

عادل أبوبكر الطلحي

 12 -03 -2012 

Share |

 

لقد تابعت عن كثب الحوار و النقاش الذي يكتب ويطرح عبر صفحات الصحف والمواقع التواصل الاجتماعي والبرامج الإذاعية التي تذاع عبر المحطات الفضائية حول موضوع الفيدرالية حيث وجدت بالخصوص وبشكل عام نوعين من ردود الأفعال المعارضة والمستنكرة بشدة لهذا التوجه العقلاني الواقعي الذي يفرضه علينا التفكير الوطني السياسي الموضوعي بعيدا عن العواطف والشعارات وما يقال في وسائل الإعلام ..النوع الأول يعتقد إن الدعوة إلي الفيدرالية هي بالضرورة دعوة إلي التقسيم والانفصال وهؤلاء إما إن لديهم سوء فهم لحقيقة النظام الاتحاد الفيدرالي المطبق في عدة دول من العالم بدون إن نشهد فيها تلك الانقسامات والانفصالات المزعومة .. وإما أنهم يفهمون جيدا ما معني الفيدرالية ولكنهم لأسباب مصلحيه يخفونها ويخشون من النظام الفيدرالي لأنه في اعتقادهم سيغير موازين القوة والثروة في الخارطة الليبية لغير مصالحهم ، هؤلاء يخفون عصبيتهم بزي وطني ويتباكون - في الظاهر - علي الوحدة الوطنية بينما هم في حقيقة الأمر إنما يتباكون في شئ آخر .

وقسم من الناس ينبري لمناقشة الفكرة من دون الاطلاع علي حيثياتها ، أو فلسفتها ، كما انه لم يحمل نفسه حتي عناء الاطلاع علي نماذج من الأنظمة الفيدرالية في هذا العالم والتي هي تجارب إنسانية قبل إن تكون وطنية وإقليمية ، وكلنا نعرف إن من لم يمتلك الخلفية المناسبة لفكرة ما لا يمكنه إن يناقشها بشكل منطقي معقول ولذلك نري الجاهل بأمر ما يتهجم علي الفكرة المطروحة للنقاش ويشتملها ، اكبر مما يناقشها نقاشا عمليا ومنطقيا رزينا ، فهو يميل إلي العاطفة عند الحوار و الكتابة ، أكثر من اعتماده علي العقل والمنطق .

لايجوز إن نناقش الفكرة ، خاصة إذا كانت مهمة وإستراتيجية للغاية بخلفيات ضعيفة أو بإحكام مسبقة أو بمواقف متشنجة ، أو بالاعتماد علي الشائعات والقيل والقال ، فقد يكون الخير كله فيها ، فنخسره ونحرم أجيالنا منه .وقد يستغل هذا الموضوع لأغراض سياسية وشخصية بفعل نقص الوعي الشعبي للمواطن في الثقافة السياسية وأتوقع إن يكون موضوع الفيدرالية في ليبيا هو المفخخة السياسية القادمة وسيدعون بأنها عامل للتجزئة وسيتباكون علي وحدة الوطن أرضا وشعبا ، وطبعا فرسان القنوات جاهزون لذلك ويعدون العدة وسيقولون أنها مطلب أمريكي في أحسن الأحوال وسيخلطون كعادتهم كل الأوراق وسيعتبرون الفيدرالية شكلا لنظام الحكم السياسي ومظهرا للانفصال والعنصرية وسيخلصون إلي إن الفيدرالية حرام وان المنادين بها من أهل النار وانها محاولة للتقسيم وان كل الشرف والوطنية ووحدة ليبيا شرقا وغربا وجنوبا يتقضي رفض الفيدرالية .

وحتي نصل إلي تفكيك هذه المفخخة ونتخلص من شرور هؤلاء الأفاقين يجب علي جميع القوي الحية بنخبها وجماهيرها في البلاد شرقا وغربا وجنوبا إن تأخذ دورها في العمل وتثقيف المواطنين حول هذا الموضوع وعدم تجاوز القواعد الشعبية كما يفعل السياسيون عادة ، وكمحاولة في هذا الموضوع ، نقول وبالله التوفيق: إن نظام الحكم الفيدرالي يعني فيما يعينه الاتحاد وليس الانفصال فهو أسلوب يعتمد توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية وعدم تركيزها في جهة واحدة لمنع الاستبداد والتخلص من أخطاء المركزية الخطيرة في التحكم وعدم إفساح المجال للجميع وكبت الطاقات المحلية ومنعها عن الإبداع والعمل فضلا عن أنها الفيدرالية تؤدي إلي إيصال الخدمات للجمهور بأسرع وقت ممكن وبأفضل الوسائل لان أهل مكة ادري بشعابها – كما يقولون – بفضل القائمين علي الحكومة المحلية هم أهل الدار يفهمون حاجاتها وطبيعة سكانها وهمومهم لا كالمتربعين علي عرش السلطة في العاصمة يقررون كما يشاؤون في ظل النظام المركزي ، وهناك بون شاسع بين الفيدرالية وشكل نظام الحكم في البلاد ، فالفيدرالية شكل من أشكال الدولة أو الوحدة وطريقة من طرق تنظيم العمل فيها .

وتتيمز الفيدرالية عن الكونفدرالية حتي يتخوف منها البعض بأنها أكثر اتحادا وقوة لذلك فقد انتشرت في اغلب مناطق العالم ولم تشهد تجربة الفيدرالية مشاكل تستحق التوقف عندها في جميع الدول التي طبقتها كسويسرا وألمانيا والأمارات المتحدة وكندا وأكثر من ثلاث أرباع دول العالم ، ويعتبر الشكل الفيدرالي للدولة الطريقة الأكثر نجاحا لإدارة الشعوب المتنوعة سياسيا وثقافيا أو اقتصاديا لأنها تضمن الحقوق فلا مكان للتهميش والإقصاء والاستعلاء و الاضطهاد الذي يمارس عليها في ظل الدولة البسيطة . تعد الصيغة الفيدرالية أمانا للمظلومين وراحة لهم بأسير الطرق وحتي يشعرون بإنسانيتهم وتعود لهم مواطنتهم بالتدرج بعكس الحرمان والكبت الذي عانوا منه طليت أربعة عقود إبان حكم القذافي المستبد .

وعلي ذلك يمكننا إن نزعم زعما قاطعا بان الدعوة إلي الفيدرالية اليوم ليست دعوة للتقسيم والانفصال كما يردد البعض بسوء فهم أو بسوء نية بل هي دعوة وطنية واقعية عقلانية تري في الفيدرالية الحل البديل للمركزية .

في ضوء هذه المعطيات تأتي أهمية الأخذ بالنظام الفيدرالي في ليبيا الجديدة وبأسرع الخطوات ضمانا لتثبيت أسس الدولة الجديدة والخروج من المأزق التي نشاهدها ونلسمها يوما بعد آخر ، لذلك يجدر بنا دراسة موضوع الفيدرالية بعمق وجدية ومتابعة أحوال الدول والشعوب التي تعيش في ظل هذا النظام المثالي ومقارنتها مع غيرها من الدول الاخري التي تطبق الأنظمة المركزية ومحاولة الحكم بنظرة محايدة وموضوعية بعيدا عن الأهواء للوصول إلي معرفة الحقيقة المجردة وذلك دون نشر الفزاعات والمخاوف من إن الفيدرالية هي حالة انفصال للوطن وكأن المطالبين بها ليسوا وطنيين ولاتهمهم مصلحة ليبيا بل وربما طلاب سلطة أو منافع شخصية والأمر ليس كذلك فالمطالبون بالفيدرالية هم الوطنيون الحقيقيون الذين ناضلوا وقاموا طغيان معمر ونظامه المستبد ولم تحتوهم حبائل النظام المنهار بمغرياته التي سقط فيها الكثير من ضعاف النفوس وهم المتسلقون الذين كانوا يعلبون مع الطرفين .

إن عالم اليوم يتجه نحو التمكين والي اللامركزية المجتمعية والي الحكم المحلي وهي فيدراليات بتسميات وأساليب مختلفة ، عموما هذه أنظمة وأساليب عملية وفنية وليست عقائدية أو تعبوية كما يعتقد البعض بل هي أسلوب ونظام يغلب عليه الجانب الفني المهني خصوصا في الجوانب الإدارية والقانونية من ناحية أخري عمليا ما الذي يناسب ليبيا ؟ ما لذي يحقق التنمية ؟ وما الذي يحقق العدالة في توزيع المنافع ؟ ما الذي يحقق الحد من الفساد ؟ والذي يحقق الحد الادني من الاحتقان والحفاظ علي الترابط بين الكيانات الوطنية للشعب ؟ أنها ظروف موضوعية هي التي تجعلك تتجه إلي النظام الفيدرالي أو المركزي ، واري ذلك أوضح إن في الأصل هو المركزية ثم تطورات إلي اللامركزية وهي تبقي فيها درجة من المركزية ولكن الفيدرالية هي نظام لنقل وتوزيع حقيقي للسلطات والفيدرالية لا علاقة لها بالإيديولوجيات كما يقال البعض بل أنها نظام سياسي إداري فيه تفويض حقيقي للاختصاصات التقريرية والتنفيذية للأسف يوجد قصور في فهم هذه الأنظمة من الناحية العملية نتيجة التأثر النظام السابق والتي تحتاج إلي إعادة تصحيح المفاهيم .

إن ما يحملنا علي القول بنظام الفيدرالية ما نلاحظه بوضوح من ظروف سياسية واجتماعية ومعيشة سيئة تدفع إلي الأخذ بالنظام الفيدرالي وتتطلع إليه التيارات السياسية بهدف التخلص من الاستبداد والتسلط السياسي الذي يمارس من المركز ، إن الطريق الامن والسليم إنما يكمن في إشراك جميع الليبيين في الحكم والإدارة لضمان وحدة ليبيا بإشراف ورقابة الدولة والسلطة المركزية وفي حدود نظام دستوري يعين ويحدد صلاحيات كل من المركز ( العاصمة ) والإقليم ، ويقوم علي أساس العدل والديمقراطية وتكافؤ الفرص بالشورى والرقابة لتحقيق أهداف الثورة في البناء والأعمار والأمن والازدهار الاجتماعي والعدالة الاجتماعية .

وفق الله الجميع لبناء ليبيا فيدرالية ديمقراطية مستقلة حرة ولهذا فليعمل العاملون وسيعلم أصحاب المفخخات السياسية والمفلسون فكريا وثقافيا أنهم خارج الزمن وعليهم إما الانتحار السياسي أو التقدم وترك الخطايا والأوهام القذافية .

 

عادل ابوبكر الطلحى
Adel_1976_2010@yahoo.com

 

روابط على موقعنا

 

سجل دخولك و علق على الموضوع

 

جالو ليبيا
اخر تحديث: 12/03/2012م.