• الرئيسية • اخبار • مواضيع علمية • مواضيع ادبية • البوم الصور • روابط مختارة • سجل الزوار • المنتدى •

عادل أبوبكر الطلحي

كاتب و باحث ليبي

لمعرفة المزيد عن الكاتب انقر هنا

مصطلحات مضللة

(( الجندر Gender ))...  نموذجا

 

تعد الباحثة الليبية زينب ابوزيد ابوبكر إحدى أهم الباحثات الليبيات اللواتي اشتغلن على موضوع المرأة و التنمية ، ولعل من يطلع على منجزها البحثي ، والتي شاركت وتشارك به الباحثة عبر عدة لقاءات علمية محلية وعربية ودولية، يلحظ قدرة وتمكن الباحثة من استخدام المنهجية وحسن استخدام أدوات البحث العلمي ، كما يلحظ سعة اطلاعها وعمق تحليلها، ومن الأشياء التي شدت انتباهي من خلال حديث معها قرأتها المعمقة و معرفتها الجيدة بالخلفيات الفكرية لبعض المصطلحات المستخدمة في الدراسات الخاصة بالمرأة ومن بين تلك المصطلحات التي ناقشنها معا ،  مصطلح الجندر Gender . الذي يمثل "قطب الرَّحَى" وتدور حوله معظم مصطلحات الأمم المتحدة، شرحًا على متنه أو تفسيرًا لغامضه، وإن زاده غموضًا، فهو مفهوم ومصطلح مراوغ وملتبس وموهم، وغير دال، وإن شئنا الدقة لقلنا: إنه مضلِّل، وقد ظهر -لأول مرة- في وثيقة مؤتمر القاهرة في (51) موضعًا، منها ما جاء في الفقرة التاسعة عشرة من المادة الرابعة من نص الإعلان الذي يدعو إلى تحطيم كل التفرقة الجندرية، إلى هذا الحد لم يثر المصطلح أي نزاع بسب ترجمته بما يفيد نوع الجنس (الذكر/ الأنثى) ومن ثم لم ينتبه إليه، ومراعاة لخطة التهيئة والتدرج في فرض المفهوم ثم إثارته مرة ثانية ولكن بشكل أوضح في مؤتمر بكين للمرأة (عام 1995م)، إذ ظهر مصطلح (الجندر) 233 مرة فى وثيقة المؤتمر، وكان لابد لمعرفته - والوقوف على معناه - من معرفة أصله في لغته التي صُكَّ فيها، والتعرف على ظروف نشأته وتطوره الدلالي كما سبق بيانه، وكان لجهود بعض المعارضين لأهداف المؤتمر من النصارى الغربيين دور كبير فى كشف النقاب عن مخبآت هذا المصطلح.( 1 )

تقول الموسوعة البريطانية - في تعريف ما يسمى بالهوية الجندرية Gender Identity : "إن الهوية الجندرية هي شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى، وفى الأعم الأغلب فإن الهوية الجندرية والخصائص العضوية تكون على اتفاق (أو تكون واحدة)، ولكن هناك حالات لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافق بين الصفات العضوية وهويته الجندرية (أي شعوره الشخصي بالذكورة أو الأنوثة)، ومثال ذلك الحالات التى يريد فيها الإنسان تغيير خصائصه العضوية على الرغم من أن خصائصه العضوية الأصلية (الطبيعية) واضحة وغير مبهمة، ولكن الشخص المصاب يعتقد بأنه يجب أن يكون من أصحاب الجنس الآخر".( 2 )

"لذلك فإن الهوية الجندرية ليست ثابتة بالولادة، بل تؤثر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهوية الجندرية وهى تتغير وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية كلما نما الطفل".

"كما أنه من الممكن أن تتكون هوية جندرية لاحقة أو ثانوية لتتطور وتطغى على الهوية الجندرية الأساسية، حيث يتم اكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة، إذ إن أنماط السلوك الجنسي وغير النمطية منها (بين الجنس الواحد) أيضًا تتطور لاحقًا".

أما تعريف منظمة الصحة العالمية فهو أدهى من تعريف الموسوعة البريطانية للهوية الجندرية، إذ تعرف المنظمة مصطلح "الجندر" بأنه: "المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التى يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية".

أما فى بكين فقد أسفر بحث الوفود فى المعنى الحقيقي للمصطلح إلى صراع استمر أيامًا، وأدى إلى إنشاء لجنة خاصة لتقوم بتعريفه، وبيت القصيد هنا أن الدول الغربية رفضت تعريف الجندر بالذكر والأنثى، ولم تنجح اللجنة فى تعريف الجندر، بل خرجت متفقة على عدم تعريفه، وهذا ما يثبت سوء النية وبعد المرمى والإصرار الكامل على فرض مفهوم حرية الحياة غير النمطية كسلوك اجتماعي، فلو أن الجندر لا يتضمن الحياة غير النمطية كسلوك اجتماعي - فلم الاعتراض على تعريفه بالذكر والأنثى فقط؟!.( 3 )

ومن ثم استمر الصراع أيامًا فى البحث عن المعنى الحقيقي للمصطلح مما أدى إلى إنشاء لجنة خاصة تقوم بتعريفه، ومع ذلك باءت بالفشل أيضًا، إذ أصرت الدول الغربية على وضع تعريف يشمل الحياة غير النمطية كسلوك اجتماعي ورفضت الدول الأخرى أية محاولة من هذا النوع، فكانت النتيجة أن عرفت اللجنة المصطلح بعدم تعريفه :     The non definition of the term Gender ، ويظهر ذلك ويتجلى فى تقرير لجنة التنمية الاجتماعية فى العالم عام 1997م، حيث ذكرت - بشكل صريح - أن "الجندر" مفهوم اجتماعي غير مرتبط بالاختلافات الحيوية (البيولوجية)، وهو الأمر الذي عجزت الوفود المشاركة فى مؤتمر بكين عن تعريفه.

وتكشف وثائق مؤتمر روما لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية المنعقدة فى روما (14/6 - 18/6 عام 1998م) عن محاولة لتجريم القوانين التى تعاقب على الشذوذ الجنسي؛ إذ أوردت الدول الغربية أن كل تفرقة أو عقاب على أساس "الجندر" يشكل جريمة ضد الإنسانية، وكان إدخال كلمة Gender في تعريف الجرائم بالإنجليزية - كان أمرًا غريبًا حد ذاته، إذ إن النَّصَّيْن العربي والفرنسي استعملا كلمة (الجنس) ولم يستعملا كلمة "الجندر" ، إذ ليس له تعريف واضح ومدلول محدد، وهذا الأمر دفع الوفود العربية والإسلامية إلى استبدال كلمة الجنس بدلاً من كلمة الجندر واستمر الخلاف أيامًا كالعادة، وفيه قال أحد المفاوضين العرب: "إن كنتم تقصدون أن هذه ترادف هذه فلماذا الإصرار؟!، وإن كانت تختلف فى المعنى فأفهمونا الخلاف، باعتبارها لغتكم، لنستطيع أن نرى انسجامها مع القانون أو لا، وهذا الخلاف الشديد دعاهم لأن يعترفوا بأنها تعنى "عدم الحياة النمطية للنوع الواحد" ، بمعنى أنه إذا مارس أحدهم الشذوذ الجنسي فعوقب بناء على القانون الداخلي للدولة كان القاضي مجرمًا بحق الإنسانية. ( 4 )

وعلى الرغم من المعارضة الشديدة من الدول العربية والإسلامية لم تنجح تلك الدول في حذف كلمة "الجندر" من النص الإنجليزي ولكن توصلوا إلى حل وسط، حيث عرف "الجندر" بأنه يعنى الذكر والأنثى فى نطاق المجتمع، وهو الأمر الذى رفضته وفود الدول الإسلامية؛ لأن هذه الإضافة - فى نطاق المجتمع - إنما يراد بها أن الفروق بين الذكر والأنثى ليست عضوية وإنما هى اجتماعية، وهذا - بعينه - هو مصطلح "الجندر"، والأخطر من ذلك هو نجاح الدول الغربية فى تعريف كلمة (الجنس)، التي كانت تعنى الذكر والأنثى إلى تعريف يقربه من مفهوم "الجندر" إذ عرفته - أي الجنس - بمعنى الذكر والأنثى فى نطاق المجتمع.

وإتمامًا لهذه المسيرة الطويلة لفرض هذا المفهوم دعا إعلان مؤتمر لاهاي للشباب عام 1999 - إلى إنشاء جهاز خاص فى كل مدرسة "لتحطيم الصورة التقليدية والسلبية للهوية الجندرية، للعمل على تعليم الطلبة حقوقهم الجنسية والإنجابية بهدف خلق هوية إيجابية للفتيات / النساء، وللفتيان/ الرجال".

كما يدعو الإعلان - بوقاحة مطلقة - الحكومات إلى إعادة النظر وتقديم قوانين جديدة تتناسب مع حقوق المراهقين والشباب للاستمتاع "بالصحة الجنسية" والصحة الإنجابية بدون التفرقة على أساس "الجندر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش /
( 1 ) قراءات في مؤتمر بكين للمرأة ، بقلم / عادل ابوبكر الطلحى ، صحيفة البيان الإماراتية .
( 2 ) مسألة الجندر ، بقلم / محمد عمارة ، صحيفة الأهرام
( 3 ) المرأة والأمم المتحدة ، بقلم حامد عامر ، صحيفة الأهرام
(4 ) مرجع سابق ، المرأة والأمم المتحدة .

 

عادل ابوبكر الطلحى
Adel_1976_2010@yahoo.com

19 -02 -2007

الي اعلى الصفحة

 

سجل دخولك و علق على الموضوع

 

جالو ليبيا
اخر تحديث: 16/12/2009م.